14 عاماً من انتهاكات حقوق الإنسان في ظل حكم الأسد

كان سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024 بمثابة نقطة تحول مهمة في تاريخ سوريا. لقد حطمت أسس الدكتاتورية التي أسرت سوريا لعقود من الزمن. عندما فتحت قوات المعارضة أبواب السجون ومراكز الاعتقال، عمت موجة من الحزن والأمل البلاد. وهرعت العائلات، التي عانى الكثير منها لسنوات من عدم اليقين، إلى هذه المواقع الرهيبة للكشف عن الأمر مصير أحبائهم.
ولعبت منظمة الدفاع المدني السوري، المعروفة أيضًا باسم الخوذ البيضاء، دورًا رئيسيًا في تحرير ما يقرب من 25 ألف أسير من صيدنايا. ويشتهر سجن صيدنايا، الواقع على بعد 30 كيلومتراً (18.64 ميلاً) شمال دمشق، بالإعدامات خارج نطاق القضاء والتعذيب والاختفاء القسري. يرمز هذا السجن إلى وحشية نظام الأسد ضد المعارضين. لقد كان مكانًا لمعاناة لا يمكن تصورها، مصممًا لتجريد المعارضين من إنسانيتهم وهزيمتهم. وكانت زنزانات السجن مكتظة بالسجناء الذين عانوا من الجوع والاختناق والانتهاكات المستمرة.
وبحسب رائد الصالح، مدير منظمة الخوذ البيضاء، فإن “صيدنايا لم تكن مجرد سجن، بل مسلخ بشري يذبح فيه البشر ويعذبون”. وكانت الظروف والممارسات في السجن رمزاً لعدم الإنسانية. ويروي الناجون صيدنايا على أنها مكان كانت فيه المجاعة والاختناق والتعذيب روتينية. وتقدر منظمة العفو الدولية أن ما يصل إلى 20 ألف معتقل عانوا من محاكمات صورية وتعرضوا لأساليب وحشية من التعذيب، بما في ذلك الاغتصاب والصدمات الكهربائية والضرب. مات الكثير في مثل هذه الظروف.
ولا يزال الناجون يعانون من عبء آلامهم. لقد تحملت العديد من العائلات وما زالت تعاني من الحزن الذي لا نهاية له لفقدان أحبائها، مع فقدان البعض بشكل مأساوي للإبادة. كما قامت الآليات الدولية، مثل الآلية الدولية المحايدة والمستقلة التابعة للأمم المتحدة، بجمع أدلة واسعة النطاق على هذه الانتهاكات. لقد تسببت الأعمال الوحشية التي ارتكبها نظام الأسد في إحداث ندوب دائمة في المجتمع السوري.
بالإضافة إلى ذلك، قدمت الشبكة السورية لحقوق الإنسان (SNHR). الانتهاكات الجسيمة خلال حكم الأسد الذي دام 14 عاماً. قُتل أكثر من 202 ألف مدني، بينهم 23058 طفلاً و12010 امرأة. كما تم تسجيل 96,321 حالة اختفاء قسري، و15,102 حالة وفاة تحت التعذيب. كما استخدم النظام البراميل المتفجرة والذخائر العنقودية والأسلحة الكيميائية، مما أدى إلى مقتل وإصابة آلاف المدنيين. وعلى وجه الخصوص، أدت هجمات غاز السارين في الغوطة عام 2013 إلى مقتل أكثر من 1400 شخص، مما يسلط الضوء على المستوى العالي من الفظائع التي يرتكبها النظام وتجاهله للقانون الدولي.
إن المعاناة التي حدثت في صيدنايا ومراكز الاحتجاز الأخرى لم تحدث في عزلة. ويبرز استخدام الأسلحة الكيميائية بين أبشع جرائم النظام. ووثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان 217 هجوماً كيميائياً منذ عام 2012، بما في ذلك هجوم غاز السارين في الغوطة في آب/أغسطس 2013، والذي أدى إلى مقتل أكثر من 1400 مدني. تم استخدام غاز الكلور والسارين والخردل مما كان له آثار مدمرة وتسبب في وفيات وإصابات على نطاق واسع.
تم استخدام عوامل الأعصاب، مثل السارين، والعوامل الخانقة، مثل الكلور المستخدم في الأسلحة، والعوامل المسببة للتقرحات، مثل خردل الكبريت، في سوريا طوال الحرب الأهلية. سجلت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وهي بعثة لتقصي الحقائق، استخدام غاز الكلور في مارس/آذار 2017 وفبراير/شباط 2018. ونُسبت هجمات الكلور إلى كل من النظام السوري وتنظيم الدولة الإسلامية. وفي تقرير صدر في أبريل/نيسان 2018، اتهمت هيومن رايتس ووتش النظام السوري بأغلبية 85 هجومًا موثقًا بالأسلحة الكيميائية في سوريا.
أفادت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنه منذ عام 2011، نزح أكثر من 14 مليون سوري. واضطر الكثيرون إلى مغادرة منازلهم بسبب الهجمات التي استهدفت المناطق المدنية، بما في ذلك المستشفيات والمدارس والأسواق. يعيش ما يقرب من 5.5 مليون لاجئ سوري في الدول الخمس المجاورة لسوريا – تركيا ولبنان والأردن والعراق ومصر. وتعد ألمانيا أكبر دولة مضيفة غير مجاورة حيث تضم أكثر من 850 ألف لاجئ سوري. ولا يزال أكثر من 7.2 مليون سوري نازحين داخلياً، و70% من السكان في حاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية، و90% يعيشون تحت خط الفقر.
وفي ظل نظام الأسد، أصبحت مرافق الاحتجاز مثل صيدنايا وتدمر أيضاً رموزاً للقسوة. وتحمل السجناء أساليب التعذيب مثل الكرسي الألماني، والسجاد الطائر، والربط على السلالم والسقوط بشكل متكرر، مما تسبب في صدمات جسدية شديدة. كما لم يسلم النساء والأطفال. لقد تسامحوا أيضًا مع العنف الجنسي والعذاب النفسي، كما ظهر في العديد من شهادات الناجين.
العديد من السجون السرية لا تزال غير مكتشفة. ودعت السلطات الجنود السابقين وحراس السجون إلى تزويد قوات المعارضة بكلمات المرور لفتح الأبواب الإلكترونية تحت الأرض، زاعمة أن آلاف المعتقلين ما زالوا محاصرين في هذه الزنزانات، وفقًا لصور كاميرات المراقبة. علاوة على ذلك، عرضت منظمة الخوذ البيضاء مكافآت مالية للأفراد الذين يقدمون معلومات حول مواقع الاحتجاز المخفية.
تمثل الفظائع التي ارتكبت في عهد نظام الأسد بعضًا من أحلك فصول التاريخ الحديث. ولا تزال المساءلة تشكل تحدياً حاسماً في التصدي للانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان ومنع وقوع مآسي في المستقبل. وعلى الرغم من الأدلة المدمرة، فإن الجهود العالمية لضمان المساءلة كانت بطيئة. لقد سجلت تقارير الأمم المتحدة جرائم ضد الإنسانية، لكن الإجراءات الملموسة كانت محدودة. عملت مجموعات الرصد مثل الشبكة السورية لحقوق الإنسان بجدية على تسجيل الانتهاكات وأصدرت أكثر من 1800 تقرير منذ عام 2011. وتشمل هذه التقارير روايات مفصلة عن المقابر الجماعية، والاختفاء القسري، واستخدام التعذيب.
لقد تركت الفظائع التي ارتكبت في ظل نظام الأسد جروحاً عميقة في المجتمع السوري. ولا يزال الناجون يتحملون وطأة الصدمة، ولا يزال عدد لا يحصى من الأسر يشعر بالألم بسبب فقدان أحبائهم. صيدنايا والمرافق المماثلة هي تذكير صارخ بالتكاليف الباهظة للطاقة غير الخاضعة للرقابة. يجب على المجتمع الدولي إعطاء الأولوية للمساءلة ودعم الجهود لإعادة بناء سوريا حيث تُحترم حقوق الإنسان وتسود العدالة.
#عاما #من #انتهاكات #حقوق #الإنسان #في #ظل #حكم #الأسد